حياٌة أدبًا "الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع" نهايةُ عُشّ الثنائيَّة الثالثة-ناجي نعمان (لبنان)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
حياة أدبا

حياٌة أدبًا
"الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع"
نهايةُ عُشّ
الثنائيَّة الثالثة

  ناجي نعمان    

ألثنائيَّةُ الثالثة/1
تركَ ريشتَه ومَضَى...

أباكَ! أباكَ! وأُمَّكَ! أُمَّك!
وليسَ أبي! أبي! وأُمِّي! أُمِّي!
بالأنانيَّة، برَفع المسؤوليَّةِ، بإلقائها على الغَير،
تعاملَ مُعظمُ العصافيرِ، معظمَ الوقت،
فيما لا يؤسَّسُ عُشٌّ على غَيرِ التَّضحية؛

وغَدا لكلِّ عُصفورٍ عُشُّه، وعُصفورتُه؛
ولكلِّ عُصفورةٍ عُشُّها، وعُصفورُها؛
وتوزَّعَتِ العِشاشُ
بين قدَمَي السَّيِّدة وجوهرة الخليج،
وتعدَّى بعضُها -
وقد عَصَفَتِ الرِّيحُ،
فأكثَرَتْ، وأطالَتْ -
إلى البَعيد البَعيد؛

وأمَّا صاحبُ الرِّيشةِ،
وحامِلَةُ السُّنبلةِ،
ففي عُشِّهما باقِيان،
ببَعض حَبٍّ مُكتَفيان،
وبأكثرَ من باقة حُبٍّ لا يَرغبان؛

أباكَ! أباكَ! وأُمَّكَ! أُمَّك!
وليسَ أبي! أبي! وأُمِّي! أُمِّي!
بالأنانيَّة، برَفع المسؤوليَّةِ، بإلقائها على الغَير،
تعاملَ مُعظمُ العصافيرِ، معظمَ الوقت،
فيما لا يُؤَسَّسُ عُشٌّ على غيرِ التَّضحية؛

ولم يُغَيِّرْ صِغارُ الأمسِ، في معظمهم،
وقد غَدَوْا كِبارَ اليوم، ولهم صِغارُهم،
من أنانيَّتهم واتِّكاليَّتهم؛
بل أَيقَظوا، إلى هذا، الحَسَدَ الدَّفين،
ذاكَ الَّذي لا يعيشُ إلاَّ مع حَميمَيه:
مُحاميهِ الكَذِب، ومُهَندسِهِ الافتِراء،
فيما العَنادُ في غيرِ الحَقِّ طَبيبُه الأمين!

ظنَّ بعضُ العصافير أنَّه يَسلَم؛
بالحَسَدِ، وبالكَذِبِ والافتِراءِ والعَنادِ، يَسلَم؛
ظنَّ أنَّه، بذلك، يَسلَم،
وإلى الأبدِ يَسلَم؛

وكان أنْ ألقى كبيرُ العَصافير سلاحَه،
كما على كلِّ عُصفورٍ أنْ يَفعَل،
ألقى ريشتَه، ومَضى،
مُوصِيًا فِلَذَ كَبِدِه "أنْ يَبقَوا مُتَّحِدين،
أنْ يَحمِلَ كلٌّ منهم رِيشَتَه،
حيثما يَحُلُّ، لِنُصْرَة الظَّليم،
أنْ يَذكروا حِبرَه
أمامَ كلِّ عَليم"...

ألثنائيَّةُ الثالثة/2
... وتَرَكَت سُنبلتَها ومَضَت

ألقى العُصفورُ الأكبرُ سلاحَه، إذًا،
ألقى ريشتَه، ومَضى؛
وعندَ قدَمَي السَّيِّدة
راحَ يَنتظرُ أن "يُنَوَّرَ في دُجى القَبر"؛

وأمَّا "سِتُّ الحَبايِب"، أمُّ العصافيرِ،
فبقِيَتْ مُمسِكَةً بِسُنبُلتِها، مُدافِعةً عن عَرينها،
وإلى الرَّمَق الأخير؛
وإذ وَجَبَ عليها إلقاءُ السِّلاحِ بدَورها،
باركَتْ عُشًّا ما أرادَتْ، ولا تَصَوَّرَتْ،
أنْ مِن نهايةٍ له،
ثمَّ أسقطَتْ مُكرَهَةً، وبالأوجاع،
سُنبُلتَها،
فَطِيرَ بها عندَ قدَمَي السَّيِّدة،
إلى حيثُ صاحبُ الرِّيشة يَنتَظِر!



  من "المُتَسامِح" - من الجُزء الأوَّل
©الحقوق محفوظة - دار نعمان للثقافة
  ناجي نعمان (لبنان) (2009-12-23)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة
ناجي نعمان
حياٌة أدبًا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia